المشربية تلك الكلمة القديمة التى بدأت تختفى من حياتنا الحديثة .
تعود صناعة المشربيات الخشبية في تاريخها إلى ما قبل القرن السادس الهجري 11م، لا سيما في مصر؛ لتقدمها في عمل المشغولات الخشبية، خاصةً في استخدام أخشاب الخرط الدقيقة، فقد احتضن النجَّارون في مصر فنَّ صناعة الخرط، وأضفوا عليه الطابعَ الإسلاميَّ الخالصَ، ثم ازدهرت هذه الصناعة في كثير من بلاد العالم الإسلامي خلال القرنَين السابع والثامن الهجريَّين، وواصلت تقدمها بعد ذلك حتى بلغت أوْجَ ازدهارِها خلال العهد العثماني، وإن عُرفت بمسميات مختلفة فكانت عنصرًا مميّزًا في العمارة الإسلامية المملوكية والعثمانية في مصر، وعُرفت باسم "المشربية".المشربية.. زينة البيوت في القاهرة التاريخية .
وسميت المشربية بهذا الاسم لوجود صلة وثيقة بين هذا الجزء من المبنى وبين أواني الشراب (القلل الفخارية) التي كانت توضع بها. وقد اتسع مدلول هذا المسمى (المشربية) ليشمل كل الأحجبة الخشبية المنفذة بطريقة الخرط والتي كانت تغطى فتحات النوافذ أو تفصل بين أجزاء المبنى المخصصة للرجال وتلك المخصصة للنساء، سواء كانذلك في المنازل أو في المساجد.
وتعرف المشربية في بعض بلدان العالم الإسلامية باسم (روشن أو روشان) وهي تعريب للكلمة الفارسية (روزن) وتعني الكوة أو النافذة أوالشرفة، والشكل لم يختلف إلا في بعض الجزئيات البسيطة التيأضفت على شكل المشربية طابعا مميزا وخاصا بكل بلد من بلدان العالم الإسلامي .
يوفر نظام المشربية مزايا عديدة فهي تتيح لأهل المنزل رؤية من في الخارج بدون أن يراهم أحد،وذلك لاختلاف كميات الضوء داخل المشربية عن خارجها إذ إنه أقل في الداخل بكثير عنالخارج، ويوفر ذلك خصوصية لأهل المنزل.
كما أن التكوين الهيكلي والزخرفي للمشربية يتفق تماما مع الظروف المناخية لمعظم بلدان العالم الإسلامي والذي تسوده في معظم فصول السنة شمس ساطعة،وتعد المشربية من أحسن الحلول لهذه المظاهر الطبيعية، إذ إن الفتحات الضيقة التيتتخلل قطع الخرط تتحكم في كمية الضوء النافذ إلى الغرفة المقامة عليها المشربية،وتعمل بذلك على تلطيف درجة الحرارة من خلال النسيم الذي يمر من بين هذه الفتحات .
تصنع المشربية من أرقى أنواع الأخشاب التي تحضر يدوياً من قبل صناع وحرفيين مهرة توارثوا المهنة وحافظوا عليها من الانقراض حتى الآن، برغم التراجع الشديد في صناعتها بالطريقة اليدوية ذاتها.
أن الأرابيسك كلمة تطلق على منتج مكون من ثلاثة أشياء هي المشربية والصدف والنحاس وهناك من يعتقد أن الأرابيسك هو تشكيل الخشب فقط ولكن هذا اعتقاد خاطئ فالمشربية وحدها ليست أرابيسك ولكن الأشياء الثلاثة مجتمعة تسمى قطعة أرابيسك. وأشار إلى أن فن الأرابيسك ازدهر في العصر الإسلامي لدخوله في تزيين المساجد ومنابرها وتيجان المنابر والمشربيات لتهوية المنازل وعدم رؤية النساء الموجودات بها وامتد إلى عصرنا الراهن.
والمشربية هي الجزء البارز للخارج عن جدران المبنى فتضفي ظلاً على الشارع كذلك، وكانت المشربيات تأخذ أشكالاً متعددة عن طريق النحت، فكان ينحت عليها الكتابة العربية أو زخارف نباتية أو أشكال هندسية.
وبلغ إتقان فن صناعة المشربية مداه في العصر المملوكي بمصر، ويظهر ذلك واضحاً جلياً في نماذج المشربيات الموجودة في مدرسة السلطان حسن الأثرية، ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة، وفي مجموعة المشربيات في منزل زينب خاتون وغيرها.
وصناعة المشربيات تعتمد على القطع الخشبية الصغيرة التي تنحت بأشكال جمالية متقنة الصنع، وتبطن أحياناً بالزجاج الملون، وتتحكم زوايا نحاسية مشغولة على طريقة «التفريغ» في لصقها في أماكن خاصة من المربع الخشبي، فتزداد قيمتها الجمالية، وتزداد صلابتها وإذا كانت المشربيات تعكس قيمة جمالية واجتماعية وتراثية، بالإضافة إلى أنها من مفردات وتفاصيل زمن جميل مازال يعلق بالقلب والوجدان ويملأ الذاكرة بالشوق إليه.. فلماذا انحسرت صناعتها برغم كل المنافع التي تحتوي عليها المشربيات؟
ربما ارتفاع سعر الأخشاب حالياً لا يتيح لهذه الصنعة التراثية الانتشار مثلما كانت من قبل، ولكن هناك بدائل يمكن استخدامها مثل خشب النخيل أو الأخشاب ذات الجودة الأقل والتي يمكن معالجتها لتكون أكثر صلابة عن طريق إضافات أخرى لها.
ورغم ان هذا الفن بدأ في الانكماش منذ منتصف القرن الماضي، هناك تجمع للصناع المهرة في حي خان الخليلي القاهري الشهير لا يزالون يتمسكون بحرفة الأجداد.
ورغم ان هذا الفن بدأ في الانكماش منذ منتصف القرن الماضي، هناك تجمع للصناع المهرة في حي خان الخليلي القاهري الشهير لا يزالون يتمسكون بحرفة الأجداد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق