الندابة...امبراطورة النواح
أغرب تلك المهن علي الإطلاق كانت مهنة الندابات ذلك أنها كانت مهنة لا تحتاج إلي رأسمال ولا محلات بل كل ما تحتاجه الصوت العالي والقدرة علي ابتكار بعض الجمل وحفظها وأداء بعض الحركات فالندابة في تلك الأزمنة كانت بديلا بشريا للميكرفونات والسيارات التي تجوب الشوارع للإعلان عن وفاة المرحوم فلان أو المرحومة علانة وكانت الندابات معروفات في القرية بالاسم ولهن رئيسة يذهب إليها أحد أفراد أسرة من توفاه الله فيخبرها أن فلانا مات ويعطيها المعلوم فتقوم هي بارتداء عدة الشغل وهي عادة كانت جلبابا أسود وطرحة سوداء ليست لتغطية الرأس ولكن لكي تستخدمها حزاما حول وسطها وتذهب إلي أعضاء فرقتها من الندابات وتجمعهن ويبدأن علي الفور في جولة في مختلف شوارع القرية للإعلان بالصراخ والعويل وتحريك الأجسام والأذرع فيما يشبه الرقص ولكن ليس بهز الوسط وإنما بالقفر في الهواء مع تحريك الأيدي بالطرحة السوداء أعلي الرأس يمينا وشمالا وبعضهم تخصصن في الصراخ والأخريات في إنشاد بعض الجمل من مثل : يا سبعي .. يا جملي .. يا صغير .. إلي آخره من مفردات قاموس الندب الذى كانت تبدعه هؤلاء الندابات وأخريات يهلن التراب علي رءوسهن ، وعلي قدر درجة المتوفي الاجتماعية علي قدر عدد اللفات والجولات في شارع القرية وكلما كان المعلوم أي الأجر المدفوع سخيا كلما كان الصراخ والعويل عاليا ومتعددا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق