بائع القلل


ما زال فى المناطق الشعبيه ..يمر بائع القلل القناوى ......على عربته الصغيره ...يجوب الشوارع مغنيا ( القلل القناوى ).فقبل ظهور الثلاجات كانت هى الوسيله الوحيده لتبريد المياه ...وكانت الناس تتفنن فى غطاء القلل ...وصينية القلل التى توضع فى مائها المزهر والمورد........ وقلّما تجد شباك او بلكونه تخلو من القله القناوى بمائها البارد الصحى .

القلل القناوي «المليحة» التي أحبها «فنان الشعب» الشيخ سيد درويش وغنى لها «لطيفة قوي القلل القناوي»، فجعل شفاه المصريين تهفو إلى شربة منها لا ظمأ بعدها.. شربة من مائها الذي برّدته نسمات هواء الشرفات المشرعة على أحلام العشاق وظنونهم التي ظلوا يرعونها طوال الليل، آملين أن تكون «الجميلة» التي تستوطن الشباك ساهرة طوال الليل فتاة لأحلامهم. وعندما استيقظوا أدركوا أنها فتاة المصريين جميعا وأنهم كلهم خدعتهم أبصارهم، وقبلها أوهامهم.



«معلمو» القلل وصناعها لم يتوقفوا، وهم يصممونها، عند شكل واحد لها.. فثمة القلة السحرية التي تشبه الإبريق وقلة الطفل. ولجأ صناع القلل الى إعطائها العديد من الأسماء مثل الحلوة والامورة وزعنونة وقصدية. وهذا التطور الذي لم يتوقف فقط عند حدود أسماء القلل وأشكالها جعلها تعبر حدود مصر الى بلجيكا وأميركا عن طريق بعض رجال الأعمال الذين حاولوا التكسب من ورائها، بوصفها نوعا من الفلكلور المصري الفرعوني، الذي يحبه الغربيون ويسعون الى اقتنائه. المدهش في أمر القلل في قنا أن أهلها لم يتوقفوا عند حدود استخدامها باعتبارها إناء للماء لكنهم تجاوزا ذلك الى استخدامها وحدة من وحدات البناء حتى انهم شيدوا بها بنايات كاملة، مثل ذلك المبنى الموجود داخل حرم جامعة جنوب الوادي والذي تم تصميمه على شكل أبراج الحمام المنتشرة في صعيد مصر. والمدهش أيضا انه برغم تقدم تكنولوجيا المبردات، فإن القلة ظلت محتفظة بخصوصيتها، فلا تتعجب إذن حين تدخل منزل احد أصدقائك أو أقربائك، وتلمح القلة قابعة بقوامها الممشوق فوق سطح الثلاجة تدعوك الى شربة ماء تطفئ لظى الروح والجسد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

المتابعون