مع انه موظف حكومى لكن مهنته من قديم الازل
البوسطجى
علي دراجته القديمة، حاملا حقيبته الجلدية البنية، كان البوسطجى يطوف شوارع القاهرة حاملا بريده اليومي.. يقف قليلا.. يحدق جيدا في العناوين، قبل أن يتجه الى المنزل المقابل، يطرق الأبواب، أو يرفع رأسه الى بلكونة الدور الثاني مناديا «يا أستاذ محمد، جواب علشانك» ثم ينصرف الى بيت آخر.. وكلما قل عدد الخطابات في حقيبته، بانقضاء ساعات النهار يزداد تفاؤلا.
ساعي البريد هو ملك الشوارع .. هو الذي يعرفه كل الناس وأحيانا ينتظرونه على ناصية الشارع في الفترات العصيبة، يكرهونه أحيانا ـ بلا ذنب ـ إذا جاء حاملا خبرا سيئا، يتهمونه بالفضول، ويعتبرونه واحدا من أسرتهم، بديلا عن ابنهم المسافر، حين يأتي حاملا خطاباته، وأخباره «المهنة راحت عليها» يقول عم عبد العاطي رغم انه لا يعرف ما هو «البريد الإلكتروني» ولم يجرب مرة أن يرسل «ايميلا» ويضيف: الناس أصبحت تفضل أن تتصل بالتليفون، وبعد أن انتشرت التليفونات الجوالة. اصبح الشخص بدلا من أن يرسل خطابا يظل في البريد لمدة أسبوع .. فانه يتصل .. التليفونات الآن في كل بيت، حتى المسافرون في الخارج للعمل يفضلون الاتصال.
البوسطجي أو ساعي البريد، أحدى الشخصيات التاريخية، والتي تحولت الى فولكلورية .. قديما كان يسافر على جواده حاملا الرسائل من الملوك الى الملوك، أو حاملا نذيرا بالحرب، أو حاملا الجزية، أو قادما من الباب العالي الى باقي دول الخلافة، ومع ظهور طوابع البريد والطائرات والقطارات أصبحت مهمته قاصرة على التنقل داخل البلد، يحفظ شوارعها وبيوتها يعرف أولادها وبناتها ورجالها ونساءها بالاسم، ويعرف أخبارهم أيضا.
لم يشاهد البوسطجى اياما مثل فترة السبعينات «كانت أيام عز معظم الاولاد سافروا في مرحلة الانفتاح للعمل، وكانوا يرسلوا أخبارهم وحوالاتهم ولان هناك قطاعا كبيرا غير متعلم كان البوسطجى يقوم بقراءة الرسائل. وطمأنه الأهل. وعندما كان المسافر الغائب يرسل حوالة كان أهله لا ينسونه»، أيضا شخصية البوسطجي أيضا إحدى الشخصيات الأدبية الهامة، تناولها الكاتب الراحل يحيى حقي في «دماء وطين» والتي تحولت الي فيلم بعنوان البوسطجي عام 1968 قام بإخراجه حسين كمال وبطولة شكري سرحان وزيزي مصطفى ويحكي عن عباس أفندي البوسطجي الذي ينقل الى قرية نائية بصعيد مصر ويحاصره فيها الملل والوحدة ولا يجد ما يسليه إلا أن يقوم بفتح الخطابات الواردة والصادرة من والى أهالى القرية، ومن خلال متابعته لتلك الخطابات يكتشف وجود علاقة بين إحدى الفتيات ورجل وقد حملت منه، ويكتشف الأب جريمة ابنته فيقتلها، اما عباس أفندي فيؤنبه ضميره لأنه لم ينقذ هذه الفتاة بإظهار الخطاب الذي يعدها فيه حبيبها بالزواج فيعود الى القاهرة بعد أن يقوم بإلقاء عشرات الخطابات في الهواء مما يوحي للمشاهد بان تلك الجريمة سوف تتكرر كثيرا.
«هناك فرق كبير بين البوسطة زمان والآن، زمان كانت البوسطة هي المكان الوحيد لجلب الأخبار، خاصة في فترات الحروب، اما الآن فهناك مائة طريقة، زمان كان البوسطجي ينظر اليه بعين الشك» كما انه لا يوجد إقبال الآن على هذه المهنة ،الشباب لا يحبونها، ولا يحبون اللف طول النهار مع انها خدمة إنسانية.
ساعي البريد يحمل حكايات القدر وتصاريفه، فهو يحمل أخبار الفرح والحزن، الحياة والموت والوجد والفقر .
هنا يكره الناس بوسطة الحكومة خاصة في القري ويرونها تأتي حاملة مشكلة، وهم الذين لا يتعاملون معها إلا في أضيق الحدود، ولا تتوطد علاقته بهم إلا إذا سافر أحد أبنائهم للعمل في الخارج وقتها فقط، تبدأ العلاقة ... والتي قد تستمر حتى بعد عودة الغائب.
اشهر من عمل بوسطجيا، هو والد الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، هناك أيضا الروائي الكبير إبراهيم اصلان، والذي عمل في بدايته بوسطجيا وكتب عن تلك الفترة رواية بعنوان «وردية ليل»
البوسطجى
علي دراجته القديمة، حاملا حقيبته الجلدية البنية، كان البوسطجى يطوف شوارع القاهرة حاملا بريده اليومي.. يقف قليلا.. يحدق جيدا في العناوين، قبل أن يتجه الى المنزل المقابل، يطرق الأبواب، أو يرفع رأسه الى بلكونة الدور الثاني مناديا «يا أستاذ محمد، جواب علشانك» ثم ينصرف الى بيت آخر.. وكلما قل عدد الخطابات في حقيبته، بانقضاء ساعات النهار يزداد تفاؤلا.
ساعي البريد هو ملك الشوارع .. هو الذي يعرفه كل الناس وأحيانا ينتظرونه على ناصية الشارع في الفترات العصيبة، يكرهونه أحيانا ـ بلا ذنب ـ إذا جاء حاملا خبرا سيئا، يتهمونه بالفضول، ويعتبرونه واحدا من أسرتهم، بديلا عن ابنهم المسافر، حين يأتي حاملا خطاباته، وأخباره «المهنة راحت عليها» يقول عم عبد العاطي رغم انه لا يعرف ما هو «البريد الإلكتروني» ولم يجرب مرة أن يرسل «ايميلا» ويضيف: الناس أصبحت تفضل أن تتصل بالتليفون، وبعد أن انتشرت التليفونات الجوالة. اصبح الشخص بدلا من أن يرسل خطابا يظل في البريد لمدة أسبوع .. فانه يتصل .. التليفونات الآن في كل بيت، حتى المسافرون في الخارج للعمل يفضلون الاتصال.
«هناك فرق كبير بين البوسطة زمان والآن، زمان كانت البوسطة هي المكان الوحيد لجلب الأخبار، خاصة في فترات الحروب، اما الآن فهناك مائة طريقة، زمان كان البوسطجي ينظر اليه بعين الشك» كما انه لا يوجد إقبال الآن على هذه المهنة ،الشباب لا يحبونها، ولا يحبون اللف طول النهار مع انها خدمة إنسانية.
ساعي البريد يحمل حكايات القدر وتصاريفه، فهو يحمل أخبار الفرح والحزن، الحياة والموت والوجد والفقر .
هنا يكره الناس بوسطة الحكومة خاصة في القري ويرونها تأتي حاملة مشكلة، وهم الذين لا يتعاملون معها إلا في أضيق الحدود، ولا تتوطد علاقته بهم إلا إذا سافر أحد أبنائهم للعمل في الخارج وقتها فقط، تبدأ العلاقة ... والتي قد تستمر حتى بعد عودة الغائب.
اشهر من عمل بوسطجيا، هو والد الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، هناك أيضا الروائي الكبير إبراهيم اصلان، والذي عمل في بدايته بوسطجيا وكتب عن تلك الفترة رواية بعنوان «وردية ليل»
0 التعليقات:
إرسال تعليق