هذه المهنة التي قاربت على الاندثار بعد كساد تلك المهنة نتيجة التطور التقني والتكنولوجى ورحيل معظم الجيل القديم العامل بمثل هذه المهنة.
وصوبات الكاز والسراج والتي كانت الأكثر استخداما في معظم المنازل قبل انتشار أدوات التدفئة والإنارة والطبخ الحديثة ، و انه في سنوات السبعينات وحتى الثمانينات كانت غالبية الأسر تستخدم الأجهزة والمعدات القديمة في منازلها ولهذا كانت تحتاجه كثير ، كما أن العاملين بالمهنة على أتم الاستعداد لتفصيل ما يرغب به الزبون من أدوات ومعدات كون المهنة بسيطة وغير معقدة والسر فيها هو في الدقة والصبر والتعامل الجيد مع الناس بالإضافة إلى التواضع والمعاملة الحسنة والأدوات هي أيضا بسيطة فأنا أقوم باستخدام الكوي اليدوي الذي أضعه على نار الغاز بالإضافة إلى استخدام القصدير والنشادر والحمض في عملي.
« السمكري» او ما يعرف بمصلح «البوابير» يحتاجها الجميع رغم ان مردودها المالي قليل ومنهم من كان يعمل بالمهنة جوالا بين الحارات ينادي بصوته العالي « مصلح بوابير « وهذه مهنة مثل مهنة مبيض النحاس هي من ضمن المهن الضرورية في كل مكان شأنها كالخباز واللحام والحلاق ، فيما تجد سمكري اخر يمارس عمله في دكانه و البابور يهدر بناره أمامه وبجانبه كواية القصدير يلحم به عطل البابور في بطنه او رقبته او رجله المكسورة بعد ان يفرغ الكاز من البابور و يمسكه من بطنه ويسد بإصبعه فتحة خزانه وينفخ بفمه بفتحة عيار تنفيس الهواء التي منها تخفف ناره أو تطفأ ، وكان السمكري ينفض رأس البابور بفكه ونزعه أولا عن رقبة البابور وربطه بالمنفاخ وبعدة ضغطات عليه يصبح الرأس نظيفا ثم يعيده لموضعه من البابور ويشعله فتفرش ناره بلون اخضر ويصبح جاهزا ، كما ان رأس البابور مكان خروج الكاز يتسخ أحيانا وينسد بالوسخ فيعالج «بالنكاشة» وهي «ساعد» من تنك في رأسه مايشبه الشعرة الرفيعة ولكنها معدنية تدخل في ثقب « الفاله « لتنكش وسخها وتنظفها ويتم هذا عندما تكون نار البابور تخلف شحارا فعلاج البابور « نفض رأسه» عند السمكري ، فيما كانت ماركة « بريموس « هي الأشهر بين البوابير من قياسات ثلاث حسب رؤوسها ، صغيرة ووسط وكبيرة وكان ميسورو الحال يملكون عدة بوابير لتحضير طعام ضيوفهم الكثر وقد ظهر بابور الكاز من بين عدة « السيران « في السنوات السابقة يصحبونه معهم لطهي الطعام أو لصنع الشاي.
السمكري في الماضي لم يكن أحد يستغني عنه وعن منتجاته التي تجدها قديماً في كل المنازل فيقوم بعمل دلال القهوة والمحاميص التي يحمص بها البن وكذلك مواعين السمن والمحاقن «القمع» والأباريق وكذلك كان يقوم بعمل بيوت للساعات أي ساعات المنبه الكبيرة ، وكذلك يقوم بعمل مرافع الشِراب « القاعدة « ، وكذلك المسارج أي اللمبات القديمة التي كان الناس يستضيئون بها وتسمى بالفوانيس ، وأيضا يقوم بصنع تنكة الماء التي يحملها السقا وتعرف باسم ( الزفـه) وأيضا كان يقوم بعمل الصناديق المعدنية والقوارب الصغيرة والعجلات الخاصة بالأطفال وأباريق الوضوء وأدوات الحجامة وحافظات الصكوك والوثائق وبعض أنواع الحقائب المعدنية وجواريف السكر وغيرها.
وكذلك يصنع شغلات ملوية صغيرة ومستطيلة لحفظ الأوراق الهامة وكل ذلك كان يتطلب جهدا وعملا متقنا فعلى سبيل المثال عندما يطلب منه عمل دلة قهوة فإنه يقوم أولاً بعمل القاعدة ثم البدنة أو وعاء الدلة ثم اليد ثم المفصلة التي تجمع بين البدنة وغطاء الدلة ، ثم يقوم بعمل المصب ثم نقوم بعملية اللحام وعملية اللحام يجب أن تكون بدقة متناهية حتى لا تتسرب القهوة من الدلة وطريقة اللحام تكون بإذابة الرصاص المخلوط مع القصدير وكان يستخدم الجمر في إذابة الرصاص وليس الغاز ونرى أن ذلك أفضل في إذابة الرصاص وفي عملية اللحام يوضع الرصاص المذاب بطريقة فنية بحيث لا يؤذي الزنك إذ إن بإمكانه يثقب الزنك أو أن يشوه منظر الدلة عند زيادة اللحام دون داع.
أما المعدات التي يستخدمها السمكري لا يستغني السمكري عن قطعة الحديد المتواجدة في جميع محلات السمكرية وتسمى بالسندان وهي ما يقوم بطرق الزنك أو الصاج عليها ويشكله حسب الأشكال والأدوات المطلوبة ، ولابد من وجود عدد من المطارق المختلفة الأحجام والاستعمالات حيث ان هناك مطارق تستعمل لثني الزنك ومطارق أخرى للزخرفة والنقش والسندان له طرفان مدببان نسميه « بالظفر « وذلك للانثناءات الخفيفة التي غالبا ما تكون في الأجزاء الدقيقة من الدلال او المسارج او الفوانيس ، اما عن هذه المهنة حاليا فقد تغير مسماها فلا تعرف الأجيال الجديدة مهنة « السمكرية « ، وان كانت ما زالت موجودة حتى الوقت الحاضر مع اختلاف في المنتجات وكذلك نصنع من الصاج خزانات المياه وإن كانت مادة الفايبر جلاس هي الغالبة الآن ، ولكن ما زالت المطاعم تحتاج الأنابيب والممرات الطويلة المصنوعة من الزنك التي تستعمل في إخراج الدخان من داخل المطعم إلى أعلى ويمكن لأي شخص أن يراها تعلو المطاعم أضف إلى ذلك أنه أى السمكرى يقوم بعمل حصالات النقود للأطفال ومناقل وأسياخ الشواء الخاصة بالرحلات.
0 التعليقات:
إرسال تعليق